الفَرْقُ بَيْنَ التربيةِ الإسلاميةِ والتربيةِ الدينيةِ الإسلاميةِ

 


هُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَ التربيةِ الإسلاميةِ والتربيةِ الدينيةِ الإسلاميةِ، فالتربيةُ الإسلاميةُ تَشْمِلُ جَمِيعَ المقَرَّرَاتِ الَّتِي وُضِعَتْ وَفْقَ مَنْهَجِ الله، كَمَا تَشْمِلُ الْمَبَانِي وَالْمُدَرِّسِيْنَ وكُلَّ مَا يَتَّصِلُ بِالْعَمَلِيَّةِ التَّعْلِيْمِيَّةِ، الَّتِي صُمِمَتْ وَفْقَ الْمَنْهَجِ الْاِسْلَامِي.

 

أَمَّا التَّرْبِيَةُ الدِّيْنِيَّةُ فَهِيَ تَعْنِي الْمُقَرَّرَاتِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ الْمَعَارِفَ الدِّيْنِيَّةَ فَحَسْبُ كَالْقُرْآنِ الْكَرِيْمِ وَالْحَدِيْثِ الشَرِيْفِ وَالْفِقْهِ وَالتَّوْحِيْدِ وَالسُّلُوْكِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَعَارِفِ الَّتِي تَهْدَفُ إِلَى تَنْمِيَةِ الْمَفَاهِيْمِ الدِّيْنِيَّةِ. وَعَلَى هَذَا فّالتَّرْبيةُ الإسلاميةُ "... أَوْسَعَ وَأَشْمَلَ مِنَ التَّرْبِيَةِ الدِّيْنِيَّةِ لأنَّهَا تَضُمُّ نِظَامًا تَرْبَوِيًّا مُتَكَامِلاً، أَمَّا التَّرْبِيَةُ الدِّيْنِيَّةُ تُعَدُّ أَحَدَ جَوَانِبِ التَّرْبِيَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ".


وَيَرَى الدُّكْتُوْرُ عَلِى أَحْمَدْ مَدْكُورْ رَأْياً مُغَايِرًا لِلَّذِي ذَكَرْنَاهُ حَيْثُ يَقُوْلُ: "... لَا فَرْقُ بَيْنَ مَفْهُوْمِ (الْإِسْلَام) ومفهومِ (الدين) - وَيَسْتَدِلُّ بِأَيَاتٍ مِنْهَا - قَوْلُهُ تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام" [آل عمران: 19]. يَقُوْلُ: فَالدِّيْنُ هُوَ الإسلامُ والإسلامُ هُوَ الدِّيْنُ وَإِضَافَةُ لَفْظِ (التربيةِ) إِلَى أَيِ مِنْهُمَا لَابُدَّ أَنْ يَعْنِي نَفْسَ الشَّيْءِ" وَيُتَابِعُ النِّقَاشَ مُنْطَلِقًا مِن تَعْرِيْفِ كُلٍّ مِنَ الْمَوْدُوْدِي وَسَيِّدْ قُطْب لِلدِّيْنِ، حَيْثُ عَرَفَا: أنَّ الدِّيْنَ هُوَ الْمَنْهَجُ الْعَامُ الَّذِي يَحْكُمُ حَرَكَةَ الْحَيَاةِ قَالَ تعالى: "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا" [المائدة: 48]، يقول: "فلا داعي إذن للقول إن مفهوم (الإسلام) أوسع من مفهوم (الدين)، لأن هذا هو المفهوم الغربي لكلمة (الدين)، حيث إنهم حاصروا (الدين) هناك – منذ الفصام النكد بين الكنيسة والحياة - وجعلوه علاقة خاصة، وجانبا قصيا شخصيا من جوانب الحياة الإنسانية، أما التصور الإسلامي، فالدين هو المنهج العام الذي يحكم حركة الحياة.. كل الحياة... (فالتربية الدينية) ليست مجرد شعبة واحدة من (التربية الإسلامية) بل إنها هي بعينها، فالتربية الدينية هي التربية الإسلامية، والتربية الإسلامية هي التربية الدينية، غاية ما في الأمر أن هناك علوما للتربية الإسلامية تسمى (العلوم الشرعية) وهي علوم القرآن والسنة، (علوم المقاصد) وهناك علوم تتصل بجوانب الحياة المتجددة، وكل المعارف الإنسانية المتطورة (علوم الوسائل) وهذه الثانية من علوم التربية الإسلامية، طالما أننا نصمم مناهجها، وندرسها انطلاقا من النصوص الشرعية وتوجيهاتها في القرآن والسنة، وطالما أننا نهدف من ورائها إلى إعداد الإنسان المسلم، العابد الله، القائم بمقتضى الخلافة عن الله في الأرض".


وَيَرَى الدُّكْتُوْرُ سَعِيْد إِسْمَاعِيْل عَلِى، أَنَّّ التَّرْبِيَةَ الدِّيْنِيَّةَ اْلِإسْلَامِيَّةَ هِيَ الَّتِي تُدْرَسُ فِي الْمَدَارِسِ، وَهِيَ الَّتيِ تَتَّصِلُ بِاْلعَقِيْدَةِ، وَاْلعِبَادَاتِ وَالتَّارِيْخِ، أَي: التَّعْلِيْمُ الدِّيْنِي، لَكِنْ التَّرْبِيَةُ اْلإِسْلَامِيَّةُ، كَمَا نَتَعَامَلُ مَعَهَا فِي كُلِّيَّاتِ التَّرْبِيَةِ هِيَ: اْلبَحْثُ عَنْ مَوْقِفِ اْلإِسْلَامِ مِنْ جُمْلَةٍ مِنَ اْلقَضَايَا وَاْلمُشْكِلَاتِ التَّرْبَوِيَّةِ، مِثْلُ: مَا مَوْقِفُ اْلإِسْلَامِ مِنْ مَجَانِيَةِ التَّعْلِيْمِ؟ التَّعْلِيْمُ الْمُخْتِلِطُ، مَا مَوْقِفُ اْلإِسْلَامِ مِنْهُ؟ هَذِهِ هِيَ التَّرْبِيَةُ اْلإِسْلَامِيَّةُ، لَكِنْ كَيْفَ تُصَلِّي؟ كَيْفَ تَحُجُّ؟ هَذِهِ هِيَ مُهِمَّةُ اْلمَدَارِسِ، وَلَيْسَتْ وَظِيْفَةَ كُلِّيَّاتِ التَّرْبِيَةِ، إِذًا فَهُوَ يَرَى أَنَّ التَّرْبِيَةَ الدِّيْنِيَّةَ هِيَ الَّتيِ تُدْرَسُ فِي اْلمَدَارِسِ اْلأَسَاسِيَّةِ وَالثَّانَوِيَّةِ، فِي حِيْنٍ يَرَى أَنَّ التَّرْبِيَةَ اْلإِسْلَامِيَّةَ هِيَ اَّلتيِ تُدْرَسُ فِي كُلِّيَّاتِ التَّرْبِيَّة

يُضِيْفُ الدكتور محمود عبده فرج، أنَّ هُنَاكَ ثَلَاثٌ مُصْطَلَحَاتٍ يَنْبَغِي تَفْرِقَتُهَا وَهِيَ

التَّرْبِيَةُ الدِّيْنِيَّةُ، وَهُوَ مُصْطَلَحٌ عَامٌ يَشْمِلُ جَمِيْعَ النِّحَلِ وَاْلأَدْيَانِ سَوَاءٌ كَانَتْ بَاطِلَةً أَوْ صَحِيْحَةً، قال تعالى: "لكم دينكم ولي دين" [الكافرون: 6]، حَيْثُ عَبَرَ القرآنُ الكريم نِحَلِ الْمُشْرِكِيْنَ وَمُعْتَقِدَاتِهِمْ البَاطِلَةِ دِيْنًا.

 التَّرْبِيَةُ اْلِإسْلَامِيَّةُ، وَهُوَ مَفْهُوْمٌ خَاصٌ يَعْنِي النِّظَامَ الْكَامِلَ وَالشَّامِلَ الَّذِي يَحْكُمُ سُلُوْكَ الْإِنْسَانِ الْمُسْلِمِ فِي جَمِيْعِ الْجَوَانِبِ اْلاِجْتِمَاعِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ وَالْخَلْقِيَّةِ ... إلخ


التَّرْبِيَةُ الدِّيْنِيَّةُ اْلِإسْلَامِيَّةُ، هُوَ مَنْهَجُ اْلإِسْلَامِ وَنِظَامِهِ فِي مَجَالِ التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيْمِ، وَالَّذِي يَقْصُدُ بِتَبْصِيْرِ التَّلَامِيْذِ أُمُوْرَ دِيْنِهِمْ مِنْ عِبَادَاتِ وَمُعَامَلَاتٍِ وَأَخْلَاقٍ...إلخ، وَهَذَا الرَّأْيُ لِعَبْدُه،يَتَوَافَقُ إِلَى حَدٍّ كَبِيْرٍ رَأْيَ الدُّكْتُوْر سعيد إسماعيل على، وَمُغَايِرٌ بِطَبِيْعَةِ الْحَالِ رَأْيَ الدُّكْتُوْر على أحمد مدكور، والله أعلم. 


0/Post a Comment/Comments